الكاتبة آن فرانك

الكاتبة آن فرانك


آن فرانك هي واحدة من أبرز الشخصيات في تاريخ الأدب العالمي، وهي كاتبة يهودية ألمانية تحوَّل كتابها “مذكرات آن فرانك” إلى واحدة من أشهر الكتب وأكثرها تأثيرًا في القرن العشرين. وُلدت آن فرانك في 12 يونيو 1929 في مدينة فرانكفورت بألمانيا، في فترة كانت تعيش فيها أوروبا في خضم صراعات سياسية وعسكرية كبيرة، وبالأخص مع صعود النظام النازي في ألمانيا.


نشأتها


عاشت آن فرانك في بداية حياتها في عائلة يهودية متوسطة الحال. عندما كانت في الرابعة من عمرها، انتقلت عائلتها إلى هولندا هربًا من الاضطهاد النازي الذي بدأ يتزايد ضد اليهود في ألمانيا. استقرت العائلة في مدينة أمستردام، حيث واصلت آن تعليمها في المدرسة وحياة عائلتها المعتادة.


ولكن في عام 1940، غزت ألمانيا هولندا، وأصبحت الحياة بالنسبة لليهود في البلاد أكثر صعوبة. في عام 1942، بدأت السلطات النازية في هولندا بتطبيق قوانين قاسية ضد اليهود، وكان على آن وأفراد عائلتها اللجوء إلى الاختباء في مكان سري.


الاختباء في “الملحق”


في عام 1942، مع تصاعد الاضطهاد النازي، قررت عائلة فرانك الاختباء في “الملحق” وهو مكان سري خلف أحد المتاجر في أمستردام، حيث كان بإمكانهم البقاء بعيدين عن أنظار الشرطة النازية. في هذا المكان، كانت آن وأفراد عائلتها يعيشون مع أربعة آخرين من اليهود الذين كانوا يختبئون معهم، وكانوا يعتمدون على بعض الأصدقاء المخلصين الذين كانوا يساعدونهم في توفير الطعام والموارد.


خلال تلك الفترة، بدأت آن فرانك في كتابة مذكراتها التي كانت قد بدأت في 12 يونيو 1942، يوم عيد ميلادها الثالث عشر. كانت هذه المذكرات جزءًا من كتاب كانت آن قد قررت أن تكتبه يومًا ما. في تلك المذكرات، سردت آن مشاعرها، صراعاتها، وأفكارها خلال فترة الاختباء.


“مذكرات آن فرانك”


حملت مذكرات آن فرانك العديد من الأفكار العميقة عن الحياة، الخوف، والإنسانية في ظل القمع. كانت تُسجل يومياتها بصراحة وصدق، مما جعل منها مصدرًا ثمينًا لفهم الحياة في ظل الحرب العالمية الثانية والنظام النازي. وعرفت مذكراتها باسم “مذكرات آن فرانك” أو “يوميات آن فرانك”. لم تقتصر مذكراتها على التفاصيل اليومية فقط، بل كانت أيضًا تتأمل في علاقاتها مع الآخرين، بما في ذلك مشاعرها تجاه عائلتها والأصدقاء، وخاصةً تجاه بيتر، الفتى الذي كانت تُكن له مشاعر حب.


في هذه المذكرات، وصفت آن مشاعر الوحدة، الإحباط، والخوف، لكنها أيضًا كشفت عن الأمل والرغبة في الحياة. كما أنها تناولت تفاصيل الحياة في “الملحق”، حيث كان على الجميع التعايش في ظروف ضاغطة وغير إنسانية، في انتظار أن ينتهي الصراع أو أن يُكتشفوا في أي لحظة.


الكشف عن هويتهم واعتقالهم


في أغسطس 1944، وبعد عامين من الاختباء، تم اكتشاف مكان اختباء آن فرانك وعائلتها من قبل أحد المخبرين. تم اعتقالهم من قبل الشرطة النازية، ثم تم نقلهم إلى معسكرات الاعتقال. في البداية، تم إرسال آن وأختها مارجو إلى معسكر “أوتريخت” ومن ثم تم نقلهن إلى معسكر “أوشفيتز” في بولندا.


في عام 1945، ومع تقدم القوات السوفيتية، تم نقل آن فرانك وأختها إلى معسكر بيرغن بيلسن في ألمانيا، حيث توفيت آن في مارس من نفس العام عن عمر لا يتجاوز 15 عامًا بسبب المرض وسوء المعاملة. كان ذلك قبل أسابيع قليلة من تحرير المعسكر.


نشر “مذكرات آن فرانك”


بعد انتهاء الحرب، عادت مذكرات آن فرانك إلى الحياة بفضل والدها، أوتو فرانك، الذي كان الناجي الوحيد من عائلتها. في عام 1947، قرر أوتو نشر مذكرات ابنته. كانت المذكرات قد كتبت باللغة الهولندية، وتمت ترجمتها إلى عدة لغات. في عام 1952، نُشرت لأول مرة باللغة الإنجليزية بعنوان “The Diary of a Young Girl”، ثم تلتها العديد من الترجمات والنشرات.


أصبح الكتاب في فترة قصيرة من أكثر الكتب مبيعًا في العالم، وصار يُدرس في المدارس في جميع أنحاء العالم. شكلت المذكرات شهادة قوية عن معاناة اليهود تحت النظام النازي، وقدمت للعالم لمحة عن الإنسانية في وقت كانت فيه الإنسانية قد تعرضت لأقصى درجات القسوة.


إرث آن فرانك


لم تقتصر شهرة آن فرانك على كتابها فقط، بل تم تخصيص العديد من المعالم والفعاليات لإحياء ذكرى حياتها. في أمستردام، يُعد متحف آن فرانك واحدًا من أكثر الأماكن زيارة في المدينة، حيث يُحتفظ بمكان الاختباء الذي عاش فيه عائلتها خلال فترة الحرب.


آن فرانك تُعتبر رمزًا عالميًا للتسامح والسلام، ولها تأثير كبير على الأدب والتاريخ. وعلى الرغم من حياتها القصيرة التي انتهت في معسكرات الاعتقال، إلا أن مذكراتها تظل خالدة حتى اليوم، تلهم أجيالًا من الناس حول العالم بفهم أعمق لظروف الحرب، الاضطهاد، والأمل في مواجهة الصعاب.


لقد أسهمت مذكرات آن فرانك في زيادة الوعي حول الهولوكوست ودور الأدب في إبراز معاناة الإنسان في أوقات الأزمات. ستظل قصة آن فرانك حية، مصدر إلهام للتسامح والعدالة الإنسانية في كل مكان.

صالحة الالمعي
بواسطة : صالحة الالمعي
أقدم نفسي إلى القراء الأعزاء ككاتبة طموحة، قد شغفها القلم حُبًّا بدأت مشوار الكتابة منذ الصغر وخطوت خطوة جدية في عمر مبكر بدأت منذ 2016 مشواري، وكلي يقينٌ أني سأنشر يومًا ما كتابًا يكون صديقًا للقراء كافة. أترك هذه المدونة بين أيديكم على أمل أن تأخذ بها نحو مساعيكم الأدبية، أريد من كل قلبي أن ترتقي نصوصكم إلى توقعاتكم، ولكي يتألق الكاتب عليه أن يستوعب المعرفة ويمارسها؛ فتقرأ كلماته بعذوبة لا يكاد يطيق القارئ أن يرفع عينيه عنها، نص يشد أخر صفحة تسحب الأخرى حتى يتلقف بيديه كتابًا تلوى كتاب.
تعليقات