ما هو مفهوم الخاطرة؟
الخاطرة عبارات مترابطة تستهدف القلب وتستفيض
الاسطر في محاولة لسبر أغوار النفس والمشاعر، الخاطرة اكثر ارتباطا بالوجدان وحقيقة
الانسان، حيث يكشف بضعة أسرار عن نواياه وخفايا قلبه، يعبر في كلمات عن لوحة ذهنية
مليئة بالاحساس والعاطفة أي نوع من العاطفة الوردي الزاهي أو الأسود القاني أو بينهما
رادي أو ارجواني، يستعذب القارئ الشعور عبر فكرة تستقر في ذهنه وينبض لها قلبه، وهي
قدرة الاهية ومهارة فذة يمكن صلها بالتدريب والمثابرة، كي يقال عن نصك إنه نصّ حي فينا.
تعريف الخاطرة في اللغة: الخاطرة هي مؤنث كلمة الخَاطِر وبعض مرادفاته:
الخاطر : النفْس أو القلب اضطرب خاطره لما سمع من أنباء / مرّ بالخاطر أي جال بالنفس أوالقلب /عن طيب خاطر براحة البال / هو سريع الخاطر أي سريع البديهة، هو كل ما يمرّ بالذهن من الأمور والآراء .
- الخاطِرُ : الهاجِسُ .تعريف الخاطرة أدبياً :
نثر أدبي صيغت فيه الكلمات ببلاغة ويمتاز بكثرة
المحسنات البديعية من صور واستعارات وتشبيه أو " هي كلمة موجزة قصيرة
يلقيها المتكلم خطيباً أو واعظاً من أجل التنبيه على قضية أو مسألة محددة
خطرت بباله، أو أعدها مسبقاً في زمن قصير دون استطراد أو إطالة أو مداخلة" .وهي كفن أدبي كغيرها من الفنون الأدبية متشابهة إلى حد كبير مع أساليب القصة والرسالة الأدبية والقصيدة النثرية إلا أنها تتميز الخاطرة بأنها غيرمحددة "برتم" أو وزن موسيقي معين أو قافية وتخلو من التفصيلات فهي تعبيرعما يجول بخاطر الكاتب أي تعبر عن حالة شعورية خاصة بالكاتب في قالب أدبي بليغ ويكثر فيها استخدام المحسنات البديعية والتصوير والكلمات القوية أي أنها انفعال وجداني وتدفق عاطفي ومن اسمها (خاطرة) هي خطر على البال مرّ أوذكر بعد النسيان ويكون وليد اللحظة أو الحين ومدته قصيرة فهي تكتب لحظة حدوث الشيء أو بعده ولا تحتاج لإعداد مسبق ولا تحتاج لأدلة او براهين.
أقسام الخاطرة من حيث الطول :
قـصـيرة:تحتوي في الغالب على كلمات سهلة وبسيطة ومفهومة .
متوسطة :
وهي الأكثر جمالاً لوجود التماسك الفكري القوي وانحصار المعنى .
طـويلة :
تكون المعاني فيها كثيرة وتكون مبالغة .
كيف تكتب الخاطرة؟
تتكون من عنوان- المقدمة - العرض أو العقدة – الخاتمة .- هنا يجب أن تكون المقدمة صغيرة الحجم وأن لا تطغى
على العرض أو العقدة وهي تكون نزعا من التقديم الأدبي للموضوع ولكن بصورة جمالية وليس
سرداً.
- في العقدة أو العرض يجب أن يحدد الكاتب ماذا يريد أن يكتب هل حزنا أم فرحا أم غرام... إلخ , وعندما يحدد الموضوع لابد أن يرسم في ذهنه أن الكلمات المنتقاة أو التصاوير وغيرها من المحسنات البديعية ستكون ضمن هذا الإطار فقبل الكتابة يجب تحديد الهدف بوضوح للتسلسل في عملية الكتابة.
- يجب على الكاتب أثناء إحياء الموقف في خاطرته اختيار عبارات ذات جمالية، وليس عبارات عادية أو باردة من المعنى والاحساس، مثلا على ذلك :
نستطيع القول لقد سعدت كثيرا بهطول
المطر
أو "لقد اهتز قلبي سرورا إثر
سماعي حبات المطر تطرق نافذتي"
ببلاغة واسهاب في الوصف كي يبلغ القارئ مبلغ التصور والشعور معاً، نبالغ في الخاطرة كي تخطر على قلب من يقرأها
- الخاتمة: تكون إيجازا خاتما للموقف في ذهن الكاتب وتكون عادةً قصيرة ومختصرة للموقف:
"لقد اهتز قلبي سرورا إثر سماعي حبات
المطر تطرق نافذتي، شيء ما ارتوى في نفسي وكأن هذه الحبات تسقي قلبي وليس هذه
الأرض"
ما هي أنواع الخاطرة في الأدب العربي :
تصنف الخاطرة في موقع بين القصة القصيرة والشعر
الحر .ذكرسيد قطب في كتابه النقد الأدبي أصوله ومناهجه:
" هناك نوعان من العمل الأدبي نطلق عليهما لفظ المقالة وهما يتشابهان في الظاهر ويختلفان في الحقيقة , فأحدهما انفعالية وهي الخاطرة والأخرى تقريرية وهي المقالة وتختلف الخاطرة عن المقالة من حيث الحجم بأن الخاطرة مختصرة جداً وعباراتها قليلة لكنها مركزة."
وذكر د.عزالدين إسماعيل في كتابه الأدب وفنونه عن فن الخاطرة :
"وهذا النوع الأدبي يحتاج في الكاتب إلى الذكاء , وقوة الملاحظة , ويقظة الوجدان"
ما هي صور الخاطرة؟
للخاطرة صورتان رئيستان وهي شفوية وكتابية:
الخاطرة الشفوية :
وهي كلمة موجزة , قصيرة ؛ يلقيها المتكلم من أجل التنبيه على قضية أو مسألة محددة ؛ دون استطراد أو إطالة ؛ وإلا صارت درساً أو خطبة , وهذا النوع نراه عند أماكن تجمع الناس في المساجد أو المدارس أو الجنود وفي المؤتمرات والمخيمات، واستقبال الوفود في المناسبات ...الخ.
الخاطرة الكتابية :
وهي أسلوب أدبي سهل ممتع , جذاب يغلب عليه الجانب الوجداني ، وإلا صارت مقالاً أو ترفاً فكرياً , وفيها توصف بعض الخواطر باللؤلؤ المنثور ؛ لروعة كلماتها ورقتها وجمالها , والجمال من قوة التعبير والتصوير والتماسك الفكري والرمز والتوجيه الشفاف... إلخ .
للخاطرة صفات وهي:
- أنها ذهنية عارضة تحتاج إلى ذكاء ويقظة
- يغلب عليها الجانب الوجداني على الجانب الفكري بالإحساس الصادق والعواطف
الجياشة.
- ليس
لها مجال أو موضوع محدد.
- لا
تحتاج إلى أدلة وبراهين عقلية أو نقلية .
- أنها
تلائم العصر الذي نعيش فيه .
- سهولة التوجيه والفهم إلى مختلف النزعات والميول والثقافات.
- لا
تلتزم الخاطرة بأسلوب معين: فقد يكون الكاتب جاداً وموضوعـيا، وقد يكون ساخراً
متهكـماً.
وكثير من الناس يعتقد أن الخاطرة وثيقة تحمل بين طياتها الحزن والكآبة والألم وهذا غير صحيح، فهي مساحة واسعة للخاطر والمشاعر الصادقة من فرح و حزن و حـب وشوق و فخر و عزة ...الخ.
خصائص اللغة و الأسلوب في الخاطرة:
العنوان المشوق: والجناس الرشيق وقد يكون ثابتاً , ويفضل أن يكون مقتبس من سياق الخاطرة ,قوي التعبير , عميق المعنى و مؤثر في النفوس .
التكامل الفني: من بدء وعرض وخاتمة ويسمى العرض بالعقدة أوالمغزى أوالهدف وهو المعنى والروح الحركية التي تشد القارئ وتجذب الإنتباه وتحقق خاصية التشويق .
الفكرة الواضحة: والتوازن في الجمل والألفاظ المترادفة , فمن شروط النجاح أن يكون الأسلوب واضحاً , و مصدر هذا هو عقلي والاستعانة بعناصر بلاغية موضحة للمعنى، وكذلك إستخدام الكلمات المتضادة لتقريب الفكرة , ويتحقق الوضوح أيضا في التناسب والتلاؤم لمستوى إدراك القارئ؛ فيجب أن تكون التراكيب شفافة وسهلة بعيدة عن التعقيد والجفاف.
- حسن اختيار الألفاظ المناسبة للمعنى والمراد .
- القدرة على كسب الانسجام والإبداع مع الموضوع و القـرَّاء والزمان .
- التلاؤم
ورشاقة الإيحاء والتصوير الجميل و إحياء المواقف , فعندما تحوي الخاطرة موقف معين يجب على الكاتب أن يجعل في ذهنه تحويل هذا الموقف
عبر مرآة الحروف إلى مشهد يجعلنا نشاهده بأعيننا
وذلك باستخدام الوصف الدقيق والموجز .
- الحس الفني الرفيع والصنعة المطبوعة وإسباغ الخيال والتصوير ؛ فالتشبيهات
المجازية تجعل للخاطرة رونق ونكهة محببة .
- الاختصار البارع والبعد عن الإطالة والإسهاب .